صحيفة الشرق الأوسط - العدد 9140
قانونيون: لابد من تطوير الأنظمة.... مجلس الشورى: نتعامل مع الموضوع وفق منظومة إسلامية
الحديث عن الحقوق الوظيفية للمرأة السعودية شائك نوعًا ما ويتداخل فيه الاجتماعي مع الثقافي والديني بشكل لافت.
والالتفات إلى هذه الجوانب يبدو ملحًا مع النقلة التي تعيشها السعودية في ما يخص خطاب المرأة، فبعد كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز في مجلس الشورى، في دورته الثالثة التي دعا فيها إلى فتح آفات أوسع أمام المرأة والاعتماد عليها كشريك في المستقبل، جاءت تصريحات الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية المعلنة عن عزم السعودية تعيين دبلوماسيات، وتبعتها خطوة عملية تمثلت في تنصيب الدكتورة مها أركوبي مدير للجامعة المفتوحة في جدة وهو منصب رفيع لم تتقلده امرأة سعودية من قبل.
وعلى الرغم من الخطاب السياسي عن المرأة، إلا أن الخطوات النظامية تحتاج إلى كثير من العمل لتوازي الخطاب السياسي الجديد، فالتحديث في الخطاب المتعلق بعمل المرأة ودورها الاجتماعي الوظيفي لم ترافقه نقلة على مستوى الحقوق، فالالتباسات غير المفهومة من جهة الحقوق والواجبات ما زالت مسيطرة على علاقة المرأة بوظيفتها، وتخضع الصلاحيات الممنوحة لها إلى تدخل ولي أمرها "الرجل" بشكل حاسم في كل القرارات، فضلاً عن غيابها في المراكز القيادية.
والقصة التالية تبين الإشكالية، فالسيدة هناء، تحتفظ الصحيفة باسمها كاملاً، وهي في العقد الرابع من العمر، اختلفت مع زوجها حول أهمية العمل بالنسبة لها وبعد شد ورد احتدم الخلاف بينهما، وفوجئت بعد أيام بتقدم زوجها لإدارة عملها بطلب يطوي فيها قيدها، وتم القرار من دون حتى استشارتها، بصفته ولي أمرها، وهي الأن عند عائلتها في حالة خصام ولو تم الطلاق فهي غير قادرة على الالتحاق بعملها مرة أخرى بنفس الميزات، ويجب عليها تحقيق شروط معينة من جديد، و"هناء" ليست القصة الوحيدة، فهناك مواقف مختلفة وأشكال متعددة، فأخرى يجبرها والدها على عدم فتح حساب بنكي ليتمكن من تسلم راتبها كاملاً، وسيدة يرفق شقيقها السماح لها بالسفر إلا بعد دفع مبلغ مالي، فيما لا تستطيع المعلمات حتى تقديم طلب بتحويلهن من معلمات إلى مساعدات إداريات في نفس المدرسة إلا بعد موافقة ولي الأمر.
والحال أن ثقافة "ولي الأمر" وهي تعني المسؤول (الذكر) عن المرأة في جميع شؤونها، تبدو مسيطرة بشكل واضح على علاقة المرأة بحياتها العملية، وهو (ولي الأمر) صاحب صلاحيات لا تتداخل فقط مع صلاحيات وقرارات المرأة، بل وتتعداها في حالات كثيرة، والقائمة تطول حيث تبدأ من قدرته على حرمانها من العمل وتمر بوجوب استئذانه في فتح حساب بنكي أو الحصول على بطاقة شخصية وتنتهي باشتراط شركة الاتصالات الحصول على موافقته لحصولها على هاتف جوال.
يقول المستشار القانوني فيصل يماني لـ"الشرق الأوسط" إنه "ليس منطقيًا أن امرأة في الأربعين تكون دكتورة جامعية أو خلافه بحاجة إلى إذن ولي أمرها، وهو من الممكن أن يكون ابنها الذي في العشرين من العمر لتغادر البلاد في مهمة عمل أو لإبقاء محاضرة أو حتى لزيارة ومن القصص المؤسفة التي تعايشها أن بعض الأشقاء الذين هم في مقام أولياء الأمور يطالبون شقيقاتهم بمبالغ مالية مقابل الموافقة.
من جهته يقول الدكتور محمد الغامدي عضو مجلس الشورى في اللجنة الثقافية لـ"الشرق الأوسط" إنه "لابد من أن نقرر في البداية أننا نتعامل مع عمل المرأة والصلاحيات الوظيفية من خلال منظومة القيم والتعاليم الإسلامية وهو لا يمنعها من أن تكون منتجة في مجتمعها في معظم المجالات، وأضاف" أما موضوع ولي الأمر فهذا حق شرعي لا نعترض عليه، وأعتقد أن طموح المرأة وقدرتها على العمل المنتج وكفايتها الذاتية ستحد من تأثير بعض القيود الاجتماعية. هذا إذا ما أضفنا إلى هذه الخصائص حميمية العلاقة الأسرية والمودة التي تربط بين الزوجين".