اليوم  

  أخبار المكتب

ودخل التاريخ مرتين ( بقلم معالي الشيخ أحمد زكي يماني)

 الأربعاء 11 صفر 1422 هـ

صحيفة المدينة

لا أعرف مدينة على وجه البسيطة سجل التاريخ أسماء حكامها عبر القرون، غير البلد الحرام، الذي نعرف بشيء من التفصيل أسماء حكامه، ابتداء من أول أمير ولاه عليه الصلاة والسلام على مكة قلب الإسلام، إلى أميرنا على منطقة مكة هذه الأيام، نسأل الله له العون والتوفيق على الدوام.

وكل من تولى شرف هذه الإمارة فقد دخل التاريخ، وسوف يبقى اسمه معروفًا، وعمله مذكورًا، حتى يرث الله الأرض ومن عليها، منهم من يبقى له مجرد الاسم، وربما شيء من سوء العمل، ومنهم من تضيء أعماله صفحات التاريخ، فيدخله مرة أخرى بطلاً من أبطاله ورمزًا من رموزه، وكذلك كان أمير القلوب أمير منطقة مكة المكرمة السابق ماجد بن عبد العزيز، ومن دخل التاريخ بقي حيًا في ذاكرة البشر إلى يوم الدين، فكيف بمن دخله مرتين؟!

عرفت أمير القلوب ماجد قبل أن يصبح عضوًا في مجلس الوزراء، شابًا يافعًا تحركه مشاعر الخير والوطنية وتملؤ قلبه محبة الناس، خفيف الظل، سريع البديهة، عذب الكلام، عميق الإيمان، وعندما ولج إلى دائرة الحكم وهو ابن بجدتها بحكم نسبه وانتمائه تجسدت تلك الخصال في جميع ما قام به من أعمال.

وأراد الله أن يكرم هذا الإنسان، فقلده إمارة البلد الحرام، فسطع ضوؤه في منابع الضوء، واستطاع في شهور قليلة أن يمتلك قلوب الناس بخلقه وتواضعه وعدله وشهامته.

كان إنسانًا فريدًا، جمع الله فيه من الأخلاق ما كان حميدًا، لينًا دون ضعف، صلبًا دون قسوة، وبارًا بأمه حتى أصبح نموذجًا للبر في حياتها، وعندما انتقلت إلى جوار ربها لم يتوقف قط عن أداء العمرة أول ليالي رمضان ليهب ثوابها إليها بعد رحليها، لأن ذلك ما كانت تفعله في حياتها.

وعندما أقعده المرض السنتين اللتين سبقتا وفاته كان هناك من محبيه من يفعل ذلك نيابه عنه، كان مضرب الأمثال في دقة مواعيده، يرضى الجميع حتى بالقول إن لم يسعفه الفعل، يزور المرضى، ويشارك في عزاء الموتى، ولا يتخلف عن حضور الأفراح، بابه مفتوح لكل طارق، دون حارس أو حاجب، يحرص على ترك شعر رأسه دون غطاء وعندما سألته لم تفعل ذلك؟ أجابني حتى أزيح عن أعين الناس شبح الرسميات.

تواضعه في الداخل ينتقل معه في سفره إلى الخارج فكان بذلك خير سفير بلاده، وخير مثل لأهله وأسرته، والحديث عنه لا يكون في مقال، فذلك يحتاج إلى كتاب، فخصاله الطيبة كثيرة أشرت لبعضها، ولم أتطرق لغيرها، وكل واحدة من تلك الخصال تحتاج إلى أمثلة تصفها ووقائع ترويها، إن سجلت وذكرت كانت نبراسًا ومثلاً.

لقد عرفتك يا أمير القلوب فأحببتك واحترمتك، وذرفت دمعي عندما صدمني خبر رحيلك، وسارعت وأنا خارج وطني لأكتب لشقيقه وأبنائه حفظهم الله أسطر تحمل عزائي، أجزل الله مثوبتهم على صبرهم، وأبادر بكتابة هذه الأسطر على صفحات "المدينة" تحمل عزائي إلى سكان منطقة مكة المكرمة الذين عرفوه وأحبوه.

رحمك الله يا أمير القلوب، وأنت في الدار التي تلقى فيها إن شاء الله جزاء أعمالك الصالحة، (وإنا لله وإنا إليه راجعون).

 

 

| نبــذة | المؤسـس | إختصـاصاتنا | أخبـارنا |  المحـامون | العمـلاء الإتصـال بنا |

Home

 

إنضم للقائمة البريدية

لتصلك نشرتنا الإخبارية، ضع بريدك الإكتروني

إلغاء إشتراك من القائمة

©" 2002-2005 أحمد زكي يماني محامون و مستشارون قانونيون", جمع الحقوق محفوظة.